يُعتبر نبات اللبلاب من أكثر النباتات المتسلقة شهرةً وجمالًا، إذ يجمع بين المظهر الأخضر المترف والقدرة على التكيّف مع مختلف البيئات. يزرع في الحدائق وعلى الجدران والأسوار ليضفي لمسة طبيعية نابضة بالحياة، كما يتمتع بفوائد طبية وزراعية متعددة.
وفي هذا المقال المُكمّل لمقالنا السابق «اللبلاب: نبتة متسلقة بجمال طبيعي وفوائد متعددة»، نستكشف جوانب أعمق عن هذا النبات الذكيّ — من أسرار التصاقه بالجدران إلى دوره البيئي والطبي واستخداماته في التصميم الحديث.
1. عبقرية الالتصاق الطبيعي: كيف يتمسّك نبات اللبلاب بالأسطح دون أن يُؤذيها؟
يعتمد اللبلاب في تسلقه على جذوره الهوائية التي تفرز جزيئات لاصقة دقيقة تُعرف بالنانو بوليمرات النباتية، تمكّنه من التمسك بالأسطح بقوة مذهلة تصل إلى نحو 300 نيوتن للجذر الواحد، وهي أقوى من بعض المواد اللاصقة الصناعية.
ورغم هذه القوة، لا يُلحق اللبلاب ضررًا بالجدران لأنه يلتصق على السطح الخارجي فقط دون اختراقه، مما يجعله خيارًا مثاليًا لتغطية المباني القديمة أو الجدران الخرسانية الحديثة. كما أنه يعمل كـ عازل طبيعي يساعد في خفض امتصاص الحرارة بالصيف والحفاظ على الدفء في الشتاء.
2. نظام استشعار الضوء الذكي: نبات “يفكر بالضوء”
اللبلاب ليس نباتًا عشوائي النمو، بل يمتلك قدرة مذهلة على تتبع الضوء. يستخدم مستقبلات ضوئية داخلية توجه نمو فروعه نحو الأماكن الأكثر إضاءة لتحقيق توازن بين الضوء والرطوبة.
حتى في الأماكن المظللة أو المغلقة، يميل اللبلاب تلقائيًا نحو النوافذ أو الفتحات المضيئة، مما يجعله نباتًا مثاليًا للأماكن الداخلية والمكاتب التي تفتقر إلى الضوء المباشر.
3. رحلة تطور مذهلة من الغابات إلى البيوت
ينتمي اللبلاب إلى جنس Hedera من فصيلة Araliaceae ويضم أكثر من 12 نوعًا حول العالم.
نشأ في الغابات الأوروبية وآسيا الغربية، قبل أن ينتشر في مناطق البحر المتوسط، حيث تأقلم مع المناخات المعتدلة والرطبة.
ما يميزه هو تغيّر شكل أوراقه مع نضجه: في مرحلة الطفولة تكون مفصّصة بخمس فصوص صغيرة، ثم تتحول إلى أوراق بيضاوية ناعمة في مرحلة البلوغ، وهي علامة على بدء مرحلة الإزهار والإثمار.
وتُعد ثماره الداكنة مصدرًا مهمًا لغذاء الطيور في الشتاء، مما يمنحه دورًا بيئيًا حيويًا في التوازن الطبيعي.
4. فوائد نبات اللبلاب الطبية والبيئية المذهلة
أ. الفوائد الصحية والطبية
فوائد أوراق اللبلاب للصحة كثيرة ومنها:
- علاج الجهاز التنفسي: يحتوي على مركبات تساعد في تخفيف السعال وإذابة البلغم، لذا يُستخدم في شراب السعال والأدوية العشبية.
- مضاد للالتهابات: يُستخدم مستخلصه في بعض الكريمات لعلاج التهابات الجلد.
- خصائص مضادة للأكسدة: يحمي الخلايا من التلف ويُعزز المناعة.
ب. الفوائد البيئية والزراعية
- تنقية الهواء: يمتص الفورمالدهيد والبنزين والملوثات الطيّارة، مما يجعله من أفضل النباتات لتنقية الهواء داخل المنازل.
- منع انجراف التربة: جذوره الهوائية تثبّت التربة وتحمي المنحدرات من التآكل.
- تزيين المساحات الخارجية: يغطي الجدران والأسوار بكثافة ويُضفي مظهرًا طبيعيًا متجدّدًا.
أفكار تنسيق نبات اللبلاب 5
يُعد اللبلاب من أكثر النباتات مرونة في الاستخدام، إذ يمكن توظيفه بطرق متنوعة لإضفاء لمسة جمالية على المساحات الداخلية والخارجية.
إليك مجموعة من أفكار تنسيق اللبلاب التي تمنح المكان حيوية وأناقة طبيعية:
- تزيين الجدران والأسوار:
يمكن استخدام اللبلاب لتغطية الجدران الخارجية أو الأسوار، مما يخلق مظهرًا طبيعيًا متجانسًا يضفي لمسة من الخصوصية والجمال. كما يساعد على تقليل امتصاص الحرارة وتحسين جودة الهواء المحيط. - زراعة اللبلاب في الممرات والأقواس:
يضيف اللبلاب مظهرًا ساحرًا عند زراعته حول الأقواس والمداخل أو على جانبي الممرات، مما يجعلها تبدو كأنها ممرات طبيعية خضراء تنبض بالحياة. - اللبلاب في الشرفات والنوافذ:
يمكن زراعته في أصص أو سلال معلقة ليُشكل غطاءً متدليًا يزيّن النوافذ والشرفات، ويمنح المكان طابعًا مريحًا ومفعمًا بالانتعاش. - تصميم الزوايا الداخلية:
داخل المنزل، يُمكن استخدام اللبلاب لإضفاء لمسة خضراء على الزوايا الفارغة أو الجدران البيضاء. كما يمكن دمجه مع نباتات أخرى لتشكيل لوحة نباتية متكاملة تُضفي أجواء مريحة وطبيعية. - اللبلاب في الحدائق الرأسية:
يعد خيارًا مثاليًا للحدائق الرأسية (Vertical Gardens)، حيث ينمو بسهولة ويمنح الجدار مظهرًا كثيفًا متدرج الألوان، يناسب البيئات العصرية والمكاتب الحديثة.
الختام
اللبلاب قد يبدو بسيطًا في مظهره، إلّا أنّه في الحقيقة «نباتٌ ذكيّ» يحمل في أوراقه أسرارًا بيئية وفوائد صحية، ويشكّل عنصرًا تصميميًا متجددًا في المساحات الخضراء والمنازل.
كلّما تعرفت عليه أكثر وعرفت خواصه الحقيقية، زاد إعجابك وقدرتك على الاستفادة منه بطريقة أكثر عمقًا وإبداعًا
